تلوح بكوكبنا ظواهر طبيعية متعددة تبعثها السحب المتكونة في السماء حيث تنشأ يوميا حوالي 44.000 عاصفة ينتج منها قرابة 08 ملايين من البروق أي أنه يلمع في السماء يوميا عدد 93 برق في الثانية بكامل الكرة الأرضية.
ولقد بينت الإحصائيات أننا محاطون بالعواصف من كل جهة بصورة غير متساوية حيث تنتشر هذه الظواهر بحدة في أماكن دون غيرها نتيجة العوامل المناخية المتقلبة والتي تفترض وجود حرارة وبرودة في نفس الوقت.
كما أثبتت الدراسات التي قام بها علماء فرنسيين أن هذه العواصف تهدد إستقرار بلدهم بمعدل 15 إلى 25 يوما في السنة بطريقة غير متساوية بين شمال البلاد وجنوبها.
ولمزيد التعرف على هذه الظواهر،نعرض في هذا المقال أهم تفاسير العلماء وتحاليلهم حول خاصياتها،كما نبسط أهم الإجراءات الوقائية لتجنب مخاطرها.
العواصف المكهربة
اهتم العلماء بالعواصف منذ القدم من أجل الخروج بتفاسير مقنعة لأسبابها ومسارها إلا أنه تعددت الدراسات والنظريات،وقد إرتكز جلها حول كيفية تواجد الشحنات الكهربائية الموجبة والشحنات السالبة وطرق انتشارها وتنقلها وفي ما يلي نستعرض بعض هذه النظريات:
النظرية الأولى: تنزل المطر وحبات البرد بالغيمة وفقا لعامل الجاذبية وتتمركز حول قطرات الماء والثلج والمعلقة،يحدث تصادم داخلي بين هذه الحبات وقطرات الماء المعلقة بسبب الحركات الهوائية والتيارات الصاعدة والنازلة فتنشأ حالة تكهرب للغيمة تصعد من خلالها قطرات الماء الحاملة للشحنات الموجبة إلى أعلى وتستقر حبات البرد الحاملة للشحنات السالبة أسفل الغيمة.
تندفع الشاحنات السالبة نحو الشحنات الموجبة سواء داخل الغيمة والأرض فتحدث العاصفة.
النظرية الثانية: تعتبر هذه النظرية معقدة نوعا ما باعتبار وأنا الشحنات الكهربائية التي تتواجد بالغيمة متأتية من مصادر خارجية وهي:
- الأشعة الكونية: تنشأ الشحنات الكهربائية من خلال هذا المصدر الخارجي فتدفع قطرات الماء فوق الغيمة.
- الحقل الكهربائي: يتكون هذا الحقل من الأشياء الحادة المتواجدة بالأرض،وإذا ما ارتفعت كثافة الحقل الكهربائي فباستطاعة هذا الأخير إثارة وتأيين جزئيات الهواء.
من خلال عمليات التأيين التي تنشأ من هذين المصدرين تحول التيارات الهوائية الساخنة الشاحنات الكهربائية الموجبة من الأرض إلى قمة الغيمة لتجلب الشحنات السالبة التي تدخل الغيمة وتتمسك بقطرات الماء والثلج وتكون حاجزا ذات شحنات سالبة.
تعمل التيارات الهوائية المحيطة بالغيمة على تكوين ثنائي موجب إزاء الحاجز المتكون.
-النظرية الثالثة: وتسمى النظرية ذات أقطاب الثلاثة وهي النظرية وهي النظرية التي يعتمدها حاليا علماء الأرصاد بعد وقت طويل من التجارب والملاحظات لشرح كيفية تنقل الشحنات الموجبة والسالبة وتكوين العواصف.
تحتوي الغيمة على منطقة محورية ذات شحنات سالبة ومتواجدة بين منطقتين عليا وسفلى ذات شحنات موجبة،تتمركز المنطقة المحورية في علو يقارب 6 كلم تقريبا،بسمك يتجاوز بعض الأمتار وبدرجة حرارة تساوي 15° درجة مائوية بينما يبلغ ارتفاع المنطقة الموجبة العليا من الأرض بمسافة تتراوح ما بين 12 إلى 14 كلم وذات درجة حرارة 65° درجة مائوية لتتجاوز المنطقة السفلى الموجبة بحوالي 2 إلى 4 كلم.
إضافة إلى ذلك تنشأ في أعلى هذه الغيمة منطقة رابعة رقيقة وذات شحنات سالبة وهي نتيجة تأيين جزئيات الماء بالأشعة الكونية القادمة من السماء.
البرق
البرق هو النور الذي يلمع في السماء نتيجة الحقل الكهربائي الذي تحدثه شحنات السحاب وتتعدى قيمته قساوة الجو المحلي وتقارب هذه القيمة 1 مليون فولت للمتر الواحد كما تتبدد طاقة هامة تساوي 6 مليارات واط في الثانية.
يولد البرق عادة من المنطقة الوسطى ذات الشحنات السالبة بإرتفاع يبلغ 6000 متر تقريبا وبحرارة تساوي 15 درجة،وهي تحدث من داخل الغيمة ولا يمكن أن نوازيها بالصواعق.
الصاعقة
إن الصاعقة هي جسم ناري مشتعل يظهر بالسماء أثناء يوم عاصف إنها شرارة كهربائية قوية والحرارة الناتجة عنها قد تحرق الأرض وقد تتسبب في حرق الأشجار والمنازل وقتل الأشخاص كما تنتشر طاقة كهربائية تتولد عنها في الهواء وقد تضر بالطائرات المحلقة في السماء.
وقد أكد العلماء أن حدوث الصاعقة ناجم عن عملية تفريغ كهربائية قد تكون بين الغيمة والغيمة أو بين الغيمة والأرض،وهي تنشأ عند وجود مجموعة كبيرة من الغيوم.
تكون الشحنات الكهربائية المتجمعة بالمنطقة الوسطى للغيمة جهد كبير تتسبب في وجود شحنات عكسية على سطح الأرض لتجلبها وتقوم بعملية التفريغ.يزداد فرق الجهد بين الغيمة والأرض كلما إزداد حجم الغيمة وعند وصول فرق الجهد إلى قيمة عالية لا يتحملها الهواء الفاصل بين الأرض والغيمة يحدث التفريغ ويصل معدل الجهد الكهربائي اللازم لبداية التفريغ من 5 إلى 10 كيلو فولت للسنتمتر الواحد.
تتم عملية التفريغ على دفعة واحدة أو أكثر تسمى كل دفعة بـ"وثبة" فتكون أول عملية تفريغ ضعيفة الحدة لترسم مسلك سير وهو عبارة عن طريق هوائية متجهة نحو الأرض مؤينة نسبيا إلا أنها غير منتظمة حيث تحدث عدة تفرعات وتشعبات ومن خلال قرب وصول هذه الوثبات إلى الأرض يقوى الحقل الكهربائي وتنبعث شرارات من النقاط العالية المتواجدة بالأرض كالعمارات الشاهقة،الأشجار والهوائيات.وعلى طول هذه الطريق يبلغ فارق الجهد بعض مئات الملايين من الفولت ليظهر تيار عاكس حاد يتجاوز 100.000 أمبار يصعد من الأرض إلى الغيمة عبر شرارة التفريع قصد تعديل الشحنة داخل الغيمة.
الرعد
هناك أربعة نظريات تهتم بأسباب حدوث ظاهرة الرعد وتفسر كالأتي:
النظرية الأولى: يحدث البرق فراغا فينتج عن ذلك الرعد الذي يحاول ملأ هذا الفراغ بالهواء المحيط.
النظرية الثانية: تتبخر كميات الماء التي تعترض البرق في مسلكه فينتج عن ذلك دوي قوي نتيجة التمدد السريع لبخار الماء المحدث.
النظرية الثالثة: تبين هذه النظرية وأن التفريغ الكهربائي الناتج عن البرق يكسر أجزاء مادة الماء وفقا لظاهرة الحلكبة Electrolyse إلى هيدروجان وأكسيجان وتتم إعادة جمع هذه الأجزاء بطريقة إنفجارية.
النظرية الرابعة: يقع تسخين مفاجئ للهواء تلو مرور البرق فيحدث الرعد.
وقد إعتمد العلماء على النظرية الرابعة التي كانت الأقرب للواقع حيث تعتبر الإرتجاجات المصدر الحقيقي للرعد بعد أن ينشأ هواء ساخن بطريقة مفاجأة عند مرور البرق.
تصل درجة الحرارة بالمسلك الذي أحدثه البرق 30.000 درجة وبضغط يتراوح ما بين 10و100 أتموسفار (ATM) فتتمطط المنطقة التي أحيطت بالبرق وتنتشر نتيجة الضغط والحرارة المحدثة لتوفر جهد يكون في شكل طاقة صوتية (الصوت المسموع) وطاقة حرارية (الحرارة الملتقطة).
تدوم الإشارة الصوتية الصادرة عن الرعد أقل من ثانية إلا أن دوامه ناتج عن سببين:
-طول مسلك البرق والذي يقارب 5000 م
-صدور الصوت من كل أجزاء البرق سواء من القريب أو البعيد
الصواعق وكيفية التوقي منها
لتفادي الصواعق يجب إتباع معايير السلامة التالية أثناء العواصف الرعدية:
- داخل المبنى:
ü إبتعد عن النوافذ والأبواب المفتوحة
ü لا تستخدم الأجهزة الكهربائية
ü تجنب أخذ حمام أو التكلم عبر الهاتف أو لمس موصل كهربائي.
- خارج المبنى:
ü إبق في سيارة مغلقة ولا تلمس أي معدن
ü لا تقف تحت أو بالقرب من شجرة طويلة أو تحت عمود هاتف أو كهرباء
ü إحتمي بمكان منخفض مثل واد أو كهف أو مغازة أو سفح جبل
- في غابة:
ü احتمي تحت أشجار صغيرة كثيفة أو مزروعات أو مجموعة أشجار لها نفس الارتفاع
- في البحر:
ü تجنب السباحة في مساحات المياه الكبيرة أو البحر
ü تجنب صيد السمك في البحر
- في الحقل:
ü إبتعد عن العربات المعدنية المفتوحة كالآلات الفلاحية،درجات نارية،دراجات عادية
ü إنبطح أرضا في صورة تواجدك في أرض مفتوحة
مانعات الصواعق
هو عبارة عن قضيب معدني مذيب مصنوع من النحاس يوضع فوق البناية بعلو معين لكي يستقطب الشحنات المنطلقة من الغيمة ويمتصها و يوصل الطرف السفلي لمانعة الصواعق هذه بسلك كهربائي يمر بطرف البناية إلى عمق أكثر من ثلاثة أمتار حيث تدفن شبكة معدنية في مكان رطب وهكذا يمر التيار الكهربائي للصاعقة عبر القضيب النحاسي ثم السلك الكهربائي في إتجاه عمق الأرض فتمتص خطورتها وتنعدم أضرارها.
المواصفات الفنية للإشتغال الجيد لمانعة الصواعق:
- يجب أن تكون مانعة الصواعق متصلة بالأرض بشكل جيد.
- يجب أن يكون العمود الحامل للمانعة جيد التوصيل ولا يصدأ
- يجب أن تكون الارض التي تدفن فيها الشبكة المعدنية ذات مواصفات كهربائية معينة مناسبة لهذا الغرض
- يجب القيام بإجراءات الصيانة والتفريغ في صورة تعرض مانعة الصواعق إلى عدة عمليات تفريغ للشحنات وذلك من خلال قراءة عداد ضربات الصواعق وهو عداد يوضع عادة بالتوصيل من مانعة الصواعق إلى الأرض ويقوم بمهمة عد عدد المرات التي تعرض فيها الموضع المحمي لضربات الصواعق أو التفريغ الكهربائي.
شروط تركيز مانعات الصواعق:
لا يمكن إعتبار تركيز مانعة الصواعق صيغة ثابتة يمكن تطبيقها في أي مكان فيجب أن نقوم بدراسة للموقع المراد حمايته من الصواعق وفقا للعناصر التالية:
- نوع المنطقة المراد حمايتها (بناية،أجهزة كهربائية،خزانات وقود،منطقة إتصالات)
- مساحة المنطقة المراد حمايتها بالمتر المربع
- معرفة الوضعية العمرانية للمنطقة للأخذ بعين الإعتبار إمكانية تشييد أبراج أو أعمدة عالية من عدمه
- معرفة إتجاه الريح للتعرف على إتجاه الغيوم
- إرتفاع المنطقة على مستوى سطح البحر
- معرفة مقدار ضغط الجو بالمنطقة